الليلُ
في هذا المطعمِ العتيق
مفتوحٌ
على أشرِعة الرِّيح
لا
يعرَفُ الأبواب الخجولة الخُطَى
يطيرُ
مع أسرابِ العصافيرِ حتى نهاياتِ البَّهجة الزرقاء
ويفرشُ
مائدةَ الكونِ على سحرِ السماوات.
الليلُ
في هذا المطعم النبيل
لا
يُشبهُ الأمسيات في شوارع الخرطوم
ولا
مُسامرات الليل التي أنْهَكَتها عذاباتُ المُحبين
ولا
ضجيج العابرين في الصالاتِ المصنوعة من ورقِ الأحلام
بلْ
يُشبه الخرطوم في أمجادها الشهيَّة
يُشبه
المدينة في ليلِ السَّماوات الصافية
يُشبه
المطاعم في مدنِ الأساطير
يُشْبه
بابا كوستا في كلِّ العُصور
سابِحاً
من شارع الجمهورية حتى ينام على تُخومِ سان جيمس.
بابا
كوستا
بيتٌ
من التاريخ
مسكونٌ
بروائحِ العطرِ القديم
وامرأةٌ
تُديرُ البيتَ مثلَ كاهنةٍ عمَّدَتها الأساطير
على
الزَّوايا والمَمَرات
أنوارٌ
مُشَبَّعةٌ بروحِ المكان
وعلى
الفناء الواسع مسرحٌ للفنون
وفرقة
ماجيك ستار الموسيقية
شبابٌ
كَوَرْدِ الخريف
كنهر
دَفَقَتْهُ البحيراتُ إلى نهاياتِ الموج
أنغامٌ
وموسيقى
وجازٌ
يطربُ الليل على نخب الكؤوس .
وبناتٌ
ساحراتٌ كُنَّ معي
يفْتَحْنَ
شباكَ الوردةِ قُبْلةً .. قُبْلةً على صوتِ الكَّمان
وعلى
الجدران
ألوانٌ
فاقعةٌ
دوَّنَتْ
تفاصيلَها أناملُ الرَّسامين .
هنالكَ
على الحائطِ الشرقي
نشيدٌ
من جبال الإنقسنا
ينحدر
كشلَّالاتِ الحريَّة
وفتاةٌ
عاريةٌ تسْقِي بُذُورَ العشبِ أفراحَ المطر
تفتحُ
الأبوابَ
دوائرَ
من عُيُونِ الكون
وعلى
الغرفة المجاورة
خلفَ
الصالة الصغيرة
لوحات
وجداريات
وبورتريهات
عن يوميات الحياةِ في باطنِ الخرطوم
وفتاةٌ
مشاغبةٌ تُثرثِرُ على هاتفها
تحكي
عن سهرةٍ سابقةٍ في شارعِ النيل
وأنا
في ركنٍ قَصِيٍّ
والليل
يبحرُ نحو بدايات الصباح
شربتُ
كأساً واحدةً من يدِها السّمراء
فترنحتُ
على هضابِ الليل ألوِّن الشوارعَ بالذكريات.
مارس
2012
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق