الخميس، ٤ رجب ١٤٤٤ هـ

النيلُ يعشقُ القمر وأنا في الأدغالِ أُفتشُ عن مرفأ

 

 

يا قمر

النيلُ يفتحُ شُرْفَتَهُ لشعاعٍ يهطلُ منكِ

لضوءٍ ربَّتهُ يداكِ على جمرِ المسافاتِ

وعلى نارٍ ناوشَتْها الريح

طَارَتْ شرارتُ أحجارِهِ سعيراً أيقَظَتْهُ الخياناتُ العابرة.

 

أيها القمر

بعد قليل

عندما تخرجُ الشمسُ

وتطلُّ على شرفات النافذة

سيرحل الغريب

سيمضي إلى الصحراء

التي صنعَ النيلُ على رمالِها أسطورةَ الماء.

 

هي القمر

وهي عاشقةُ النيل

حدَّثتني عن عشقِها الخالد منذ آلاف السنين

قالت بصوتٍ والغٍ في الأنوثةِ والدلال

أن بحرَ الحب داهمها منذ أن جرَفَ النهرُ أعشابها

ومضتْ في الماءِ تُمدِّدُ ساقيها

تنزل من أدغالها قطراتُ النَّدى

وهي تواقعُ النهرَ باللَّذةِ ذاتها لجنون الموج.

 

منذ آلاف السنين

هي نفسُها البنت التي أيقَظَتِ الروحَ من خُذْلانِها

وعانقت الموج على ضفاف نهرِ النيل .

 

تداعي المارد من أقواس الجن

وصافَحَها مثل نداءٍ أطلقهُ الطمي

وضوء القمر  الفاضح

فتمدَّدَ داخلها

يمنحها اللذة حين تُنَاجِيهِ تحت صراخ الشهوة بين سكاكين الليل،

 

 

ظلَّت أعواماً تتقاسمُ ليل الشهوات

برفقة أحلامٍ صنَعَتْهَا من ورد غوايتها.

 

هربت من زمنٍ

نَبَذتهُ آلهة اللذة منذ قرونٍ نائيةٍ

ذهبت تفتح أكوان الريح

وماء النيل

تصعد أعلى قاراتِ الضوء

لذاكَ القمر المتحرِّك بين أصابعها

حين تُشاغبُ وردَتَها

تخلع سروال الحشمة ترميهِ خلف ستار العتمة.

 

كانت تجلس في غُرفتها رفقة عشاق من صُنْعِ أُلُوهتِها

تختار مكائدَها معهم

وتُناديهم

تشرق روح الأنثى فوق تلال محبَّتهم

وتغادرُ حيث الكون يراقص موج الحريةِ .

 

طرقتُ البابَ  بنهرِ الصُّحبة

مَخْفيَّاً بين تراب العشق

ونورِ القلب

جاءتني بجموحِ النيل

وضوءِ القمر الفاسقِ في بهجتهِ

يتبعها صوت الموج المارد خلف موسيقى السَّحَرَة

 

كان يغازلها العشاق كثيراً بحكاياتٍ معطوبة

لكنَّ كمائِنَهَا  كانت تحرقهم .

 

 

جئتُ إليها

مدفوعاً بمفاتيح الروح

وغرائبَ لا أعرفها

لكني أعرف قمراً أحببتُ رهانات الضوء تسيلُ كأمواج النيل على عتبات مدائنهِ.

 

قالت

حسناً سأضئ البابَ لمقدمِك الزَّاهي القسمات

وأرمي كل جماجم عشاقي المفتونين بأقماري

أرميهم لمياه النيلِ الأزرق

قرباناً يمنحك الحظوة إنساناً يدخل محرابي

يعزف لذته في جسدي الغائب أعواماً لم يمْسَسْهُ بشرٌ تصفو الرعشة بين مكائده الزرقاء

 

ومثلكَ يا مجنوني قالت

أعرف أنك معشوقي الأحلى

نيلٌ بشريٌ

صَنَعَتْهُ دمائي من نهر النيل

وأعرف أنِّي مجنونتك الأحلى

لسنينٍ قادمةٍ ستردِّدُ وحدَكَ أني غانية الشبق الضوئي.

 

امرأةٌ  

صنعتْ وردَتَها من نهر النيل وضوء القمر الأزرق

أنثى أحلى من كل نساء الكون

ومن آلهةٍ كنَّ يُقدِسنَ الحبَّ

ويرسمنَ جداريات العشق على أحجار التاريخ.

 

نصار الصادق الحاج

 أبريل 2011     

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق