1
يا سيدةَ النهر
في الغربة ثَمَّةَ ليلٌ موحش
ومسافات
كلما طويتُها
باعدَت بيني
وبين الشوارعِ التي لوَّنتها يدَاكِ بعطرِ الرّيحان
وحدَهُ نهرُ الَمحَبَّاتِ
خلف الغيوم العابرة
فتحَ دَرْبَاً
في مدائنَ رُوحي السَّكْرى
ونالَ من عينيك دمعَ العاشقات .
2
كلُّ ليلةٍ
افْتَحِي صوتَ الكمنجات
حتى يسيلَ مندفعاً
علي قمحِ قُبلتنا الشّهي
واكشِفِي ماءَ الينابيع التي في قاعِ مجرى الدّم
ستمطرُ من نهديكِ وعداً وأماناً .
3
نجمةُ العشقِ التي طوقتنا
بضوء لهفتها
منثوراً على تلك الأنوثة في بلاد الريح
اتركي شلالاتِها البِكر تنزل من سماء الروح
لنكتبَ لحنَ الأغنيات
وترانيم الطبول علي أهازيج الصباح
ومن قناديلها الحمراء
في ليل الهوى
نبني جسور الأمنيات .
4
يا سيدتي
هو ظلٌّ باردٌ
يصير على المدي سجَّادةً للبوح
طالعاً كالضوء من موسيقى الأزهار
يسقي ورد الحكايات
نغماً يُضئ مجرةَ الأفراح .
5
ها أنذا
أترنّحُ يا سيدة الأنهار
خفيفاً أطيرُ كموج الطريق
أغسلُ أحزان الليل
من زلزالِ صوتِكِ الحنون
أجئ صاعداً إليكِ
تتبعُني مجرات الحنين
ورقصةُ النهرِ التي رسمت علي خدّ المسافةِ قُبلةً
ولهانةً .
6
يا سيدة القلب
هذا المساء
رأيتُ صورةً لكِ
رأيتُ بستانَ الحبِ
الذي تفتّحت على أشجارِهِ لمعةُ العينين
ونهديكِ المختبئين
لا
بل هما في الخباء صاعدين
مثل نجمين نافرين .
رأيت يداً ناعمةً تُشْبِهُ إشراقة المانجو في غابات
الجنوب
رأيت شفتيك
وفيهما رأيت حقلَ الورد
الذي تفتّح تحت أمطار بلدتِنا
على تخوم نهر النيل الأبيض.
رأيتُ
طينُ المزارَاتِ
الذي علّقتِ الفتياتُ علي أغصانه أحلامَهن .
رأيتُ عجينة الحنّاءِ
التي صارت على يديكِ قلباً عامراً بالأسئلة
نقوشاً زاهيةً علي الأصابعِ
هي حنَّاءُ القلب
وأنتِ
تسألين الروح
أما كفى؟
أما آن لهذا القلب
أن يضجَّ بماءِ الحياة؟
أن يركضَ مثل فراشات الحب؟
7
ياسيدة النهر و بنتَ الأحلام
عند الفجر،
عند أول الكلام
ستشرق الشمس من ضفافنا
سنمضي إلي هناك،
إلي مصائر العشاق
إلي الحب أخضرَ النسمات
مزهراً علي نوَّار الورد
إلي السحاب مارداً ودافقاً
كشهوةِ الصباح
حين تسري بالخيالِ نشوةُ العناق.